ظلت أجهزة العدالة حقبة طويلة من الزمن تعتمد كشف غموض الجريمة وتحديد شخصية المتهم على الأدلة القولية المستمدة من الاستجواب والشهود والاعتراف وغيرها من وسائل الإثبات، ولعل التجارب الفضائية قد أثبتت بما لا يدع مجالا للشك أن تلك الأدلة قد تشوبها بعض العيوب في إثبات الجريمة المرتكبة
وعليه اتجهت البحوث العلمية إلى الاهتمام بمسرح
الجريمة وما يتركه الجناة من اثار، ولا هذا الشأن ظهرت البصمات التي تعد من مظاهر إعجاز
الخالق سبحانه وتعالى في خلق الإنسان، فهي بطاقة شخصية ربانية أودعها الله عز وجل في
أطراف الإنسان،
ويرجع استخدام البصمات كدليل علمي له حجيته القاطعة
في إثبات الشخصية إلى أوائل القرن التاسع عشر، فقد لعب على البصمات دورا بارزا في اكتشاف
الكثير من الجناة وأصحاب السوابق الذين افترقوا جرائم وتقديمهم إلى المحاكم. وتطور
هذا العلم لم يكن حكرا فقط على بصمة الأصابع اليد والشفاه وغيرها من البصمات، بل توصل
علماء الأدلة الجنائية إلى إمكانية التعرف على الشخص من خلال تحليل الحامض النووي الذي
يطلق عليه البصمة الوراثية ADN.
ومن أجل مسايرة هذه التطورات أقرت بعض التشريعات المقارنة استخدام تقنية البصمة الوراثية في الإثبات الجنائي والمدني، والمشرع الجزائري أسوة بهذه التشريعات أثر استخدام هذه التقنية بموجب القانون رقم 16-03 المتعلق باستعمال البصمة الوراثية في الإجراءات القضائية والتعرف على الأشخاص، وبناء عليه ارتأينا طرح الاشكال الآتي:
كيف ظهر مصطلح البصمة الوراثية إلى حيز الوجود ؟
وما مدى اعتراف التشريعات بهذا الدليل العلمية
مراحل اكتشاف البصمة الوراثية
تشهد الشواهد العلمية الحديثة إلى أن المجتمع الانساني
بعيش الآن إلى جانب عصر المعلوماتية والعولمة ثورة بيولوجية أحدثت تغيرات جذرية في
العالم، وليس من المبالغة إذ فلنا أن ما شهدته الخمسون عاما الماضية من تطور وتقدم
يعد أكثر بكثير من مما أحرزته البشرية في تاريخها الطويل كله، ومن بين ما أنتجته وأفرزته
العلوم البيولوجية الهندسة الوراثية التي أصبحت حديث الساعة
وعليه سنحاول بيان اكتشاف البصمة قبل القرن العشرين
اكتشاف البصمة قبل القرن العشرين
سنتطرق إلى البدايات الأولى لاستخدام البصمات، ثم
بيان ظهور البصمات إلى حين الوجود وفقا للتفصيل الآتي بيانه:
1- البدايات الأولى لاستخدام البصمات
إن الآثار التي عثر عليها
بلاد الصين تدل على أن الأصابع كانت معروفة ومستعملة
من قبل س كان تلك البلاد، فقد استخدموا الصينيون بصمات الإصبع كختم لاعتماد الوثائق منذ أكثر من 2200 سنة. وتجدر الإشارة إلى
أن متحف فليد بمدينة شيكاغو للتحف الأثرية بمدينة واشنطن يحتفظ ببعض الأواني الفخارية
القديمة تحمل انطباعات بصدمية ظهرت بوضوح تام، مما يدل أن صناع الأواني الفخارية كانوا
يميرون مصنوعائهم بطابع أصابعهم بصورة تعمديه للدلالة على مصدرها
كما يوجد لدي بعض المتاحف الأوروبية عدد من عقود
الزواج والطلاق ممهورة ببصمات أصابع أصحابها، وقد جلبها من بلاد الشرق الأقصى بعض علماء
الآثار أمثال المكتشف البريطاني "أوريول ستين" الذي عثر عليها في مدن مدفونة
في بلاد التركستان، بالإضافة إلى ذلك أن قوانين نيونج هيوي" الصينية سنة
(650-655م ثلزم الزوج الذي يقوم بطلاق زوجته، متعلما كان أم أميا أن يضع بصمته علي
طلب الطلاق، ونفس الشأن في اليابان التي أخذت كثيرا من حضارة الصين فقد كانت قوانین
تاهيو سنة 5(70م تحتوي على نص يلزم الزوج الأمي أن يضع بصمة أصبعه على طلب الزواج أو
الطلاق

0 تعليقات