المحاضرة الثانية: فقه اللغة (مفهومه، نشأته، الفرق بين فقه اللغة وعلم اللغة)
أولا. مفهوم مصطلح فقه اللغة:
أ- تعريف مصطلح فقه اللغة باعتبار مفردیه:
1-تعريف
كلمة (فقه): الفقه هو العلم بالشيء، والقهم له،
والقطنة فيه. يقال: فقه الرجل فقاهة إذا صار فقيها، وفيه: أي فهم فقها. وبعض العلماء
يرى أن الفقه أخص من العلم، قال الراغب الأصفهان: "الفقه هو التوصل إلى علم غائب
بعلم شاهد؛ فهو أخص من العلم"
وقد وردت مادة (فقه) في القرآن الكريم عشرين مرة
تحمل المعاني السابقة، فمن ذلك قوله تعالى: (قال هؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا).
وقوله عز وجل: (فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين) وقوله تعال: (وإن
من شيء إلا يسبح بحمدو ولكن لا تفقهون تسبيحهم
وورد عن الرسول عليه الصلاة والسلام قوله:
"من أراد الله به خيرا فقهه في الدين"
ومن هنا يتبين لنا وجود مطابقة من الناحية اللغوية
بين الفقه والعلم، وهذا أخذ عدد من العلماء والباحثين اللغويين، فلم يفرقوا بين العلمين،
وإنما جعلوا (فقه اللغة وعلم اللغة) مصطلحين لمفهوم واحد أو علم واحد.
وقد غلب استعمال (الفقه) على علوم الدينا لشرفها،
وذلك من باب تخصيص الدلالة، ولكنه يستعمل في غير علوم الدين بقرينة
2-تعريف
كلمة(لغة): اللغة مشتقة من لغا يلغو: إذا تكلم؛
فمعناها الكلام؛ فهذا تعريفها في
أما في الاصطلاح فعرفت تعريفات عديدة، أشهرها ما ذكره ابن جني في كتابه (الخصائص) حيث قال: " حد اللغة أصوات يعير بها كل قوم عن أغراضهم. وهذا التعريف الذي تناقله علماء العربية على اختلاف تخصصاتهم، وهو يضارع أحدث التعريفات العلمية للغة؛ حيث ترى تلك التعريفات أن اللغة
I. أصوات
منطوقة
II. وأن
وظيفتها التعبير عن الأغراض
III.وأنها
تعيش بين قوم يتفاهمون بها.
IV.وأن
لكل قوم لغة
فهذه هي الأركان التي يدور عليها تعريف اللغة عند
جميع من عرقها، وإن كانت بعض التعريفات الحديثة اللغة تتوسع، فتدخل في اللغة كل وسيلة
تفاهم، ولا تق شمر على الأصوات، فتجعل فيها الإشارات، وتعبيرات الوجه، ودقات الطبول
وغيرها؛ فالأشهر هو حصر اللغة في الأصوات؛ لأن غيرها من الوسائل محدودة.
وعرفها ابن الحاجب بأغا: "كل لفظ وضع معي".
ويراها بعض المحدثين: "أنا نظام من الرموز الصوتية، أو مجموعة من الصور اللفظية
تختزن في أذهان أفراد الجماعة اللغوية، وتستخدم للتفاهم بين أبناء مجتمع معين. ويراها
أحر باغا: "معن موضوع في صوت
ب -تعريف مصطلح فقه اللغة باعتبار تركبيه:
يعرف تعريفا لغويا، وتعريف اصطلاحية.
1-تعريفه لغة: فقه اللغة من الناحية اللغوية هو:
فهم اللغة، والعلم كما، وإدراك كنهها.
- تعريفه في الاصطلاح:
يطلق فقه اللغة في الاصطلاح على العلم الذي يعنى
بدراسة قضايا اللغة؛ من حيث أصواتها، ومفرداها، وتراكيبها، وفي خصائصها الصوتية، والصرفية،
والنحوية، والدلالية، وما يطرأ عليها من تغييرات، وما ينشأ من لهجات؛ فبحث في المعجمات
والمفردات من حيث المعنى والأصالة والاشتقاق والنحت والنحت والترادف وغيرها. كما يحث
في وظيفة اللغة وأصلها ومصادرها، وما يثار حول العربية من قضايا، وما تواجهه من مشكلات
إلى غير ذلك ... ويمكن أن يعرف تعريفا موجز، فيقال:" هو العلم الذي يعني بفهم
اللغة ودراسة قضاياها، وموضوعاتها "، نشير إلى أن هناك تسميات أخرى لهذا العلم،
مثل (الفلسفة اللغوية) عند جرجي زيدان و (الألسنية) عند مرمر جي الدومينيكي و(اللسانيات)
عند عبد الرحمان الحاج صاخ، و(علم اللغة) عند محمود السعران ...
ثانيا. نشأة مصطلح فقه اللغة
مصطلح فقه اللغة فلدم عند العرب عرفته الدراسات
اللغوية منذ وقت مبكر ويمكن القول إن رسائل الأصمعی (ٹ 215 م) في الاشتقاق هي أقدم
نتاج وصلنا من هذه الدراسات ، ثم جاء بعده ابن جني (ت392 ه) الذي ألف كتاب الخصائص
وضمنه الكثير من البحوث اللغوية، ويؤلف ابن فارس (ت 395 ه) كتابه الموسوم بالصاحي في
فقه اللغة و سنن العربية في كلامها) ضمنه كثيرا من مسائل فقه اللغة العربية، ثم وضع
كتابا آخر عنوانه (مقايس اللغة ) ناقش فيه موضوعين يعدان من صميم فقه اللغة هما الأصول
والنحت، ويضع أبو منصور الثعالبي (ت 429ه) كتابه الموسوم برفقه اللغة وسر العربية)
ضمنه مباحث تتعلق بفقه اللغة ،
و ينشئ ابن سیده (ت458 ه) كتابه المخصص وفيه عرض لبعض المباحث المتعلقة بنشأة اللغة
العربية و بعض الظواهر اللغوية او بعد کتاب السيوطي (ت211
الموسوم (المزهر في علوم اللغة وأنواعها من أفي
الكتب المتقدمة مادة ومضمونا؛ إذ ضمنه مباحث تتعلق بفقه اللغة مثل البحث في نشأة اللغات
وتداخلها و الفصيح والمصنوع والمستعمل والمهمل و الخوشي و الغريب والمعرب و المولد
والاشتقاق و الترادف و المشترك والتضاد ...
أما المحدثون من العرب قلهم جهود قيمة في التليف
في موضوعات فقه اللغة نذكر منهم الدكتور إبراهيم أنيس، ومن أشهر مؤلفاته الأصوات اللغوية،
ومن أسرار اللغة، وفي اللهجات العربية، والدكتور إبراهيم السامرائي ومن أشهر مؤلفاته:
دراسات في اللغة، التطور اللغوي التاريخي، مباحث لغوية. والدكتور أحمد مختار عمر، ومن
أشهر مؤلفاته: دراسة الصوت اللغوي، علم الدلالة، البحث اللغوي عند العرب، والدكتور
تمام

0 تعليقات