محاضرات التنظيم الاداري للجماعات المحلية
لطلبة ماستر1 قانون عام
نظرة عامة
المقصود بالتنظيم الإداري هو كيفية تنظيم و توزيع الصلاحيات في الإدارة مركزيا و محليا، و تبرز الجماعات المحلية كمفهوم ضمن التنظيم الإداري اللامركزي داخل الدولة الموحدة- البسيطة – حيث توزع السلطة الإدارية بين أجهزة مركزية و أخرى هيئات محلية منتخبة تباشر صلاحياتها الممنوحة لها قانونا لتأمين الحاجيات المحلية المتميزة، طبعا تحت رقابة السلطة المركزية و بالتالي اللامركزية الإدارية هي مبدأ أساسي للتنظيم الإداري في الجزائر، وهي ليست وليدة دستور 1996 فقط بل ورثتها الجزائر في النظام الذي كرسته السلطات الفرنسية غداة الاستقلال، إذ قسمت الجزائر إلى ثلاثة مجموعات إقليمية هي الجهات المحافظات و البلديات.
كما نص أول دستور جزائري سنة 1963 في مادته 09 على أن الجمهورية تتكون
من مجموعات إدارية يتولى القانون تحديد مداها واختصاصاتها تعتبر البلدية المجموعة الإقليمية
الإدارية الاقتصادية والاجتماعية القاعدية.
و لم تمر خمس سنوات من المرحلة الانتقالية – خاصة لما عرفته الجزائر من
فراغ في التأطير بسبب مغادرة الموظفين الإداريين الفرنسيين – حتى كرس المشرع مبدأ انتخاب
المجالس الشعبية البلدية في أمر 67/24 المؤرخ 18 يناير 1967 المتضمن القانون البلدي، ج.ر
06،ثم المجالس الشعبية الولائية بعد سنتين بأمر 69/38 المؤرخ
و لما أدرك المؤسس الدستوري أهمية اللامركزية و ضرورتها منح المشرع الجماعات
المحلية اختصاصات واسعة متأثرا آنذاك بالنموذج اليوغسلافي – الاشتراكية – بسبب التوجه
الإيديولوجي الاشتراكي للدولة في تلك الفترة و الأحادية الحزبية إذ ورد في الميثاق
الوطني 1976 "ترتكز سياسة اللامركزية على توزيع متزن للصلاحيات و المهام حسب تقييم
منطقي للمسؤولية داخل إطار وحدة الدولة، فعلى البلديات و
الولايات حل مشاكلها الخاصة بها، و على السلطة المركزية البث في القضايا
ذات الأهمية الوطنية"، حتى أن المادة 150 من
دستور 1976 تعدت الصلاحيات العادية التقليدية و منحت المجالس
الشعبية حق التدخل في المجال التشريعي بتقديم التماس للحكومة التي يمكنها صياغته في
مشروع قانون و هذا ما لا نجده في الدساتير اللاحقة .
و التحول الهام الذي مرت به اللامركزية في الجزائر مرتبط بالتحول الذي
شهدته البلاد بعد أحداث أكتوبر 1988 و صدور دستور فبراير 1989 الذي أقر التعددية السياسية
و الحزبية و كرس من جديد دستوريا البلدية و الولاية كجماعتين إقليميتين على غرار دستور 1996،فصدر قانون البلدية 90/ 08
و الولاية 90/ 09، وقانون الجمعيات ذات الطابع السياسي 89/11 و فتح المجال أمام الأحزاب السياسية للتنافس
على مقاعد المجالس الشعبية، كما تأثر في منح الاختصاصات للجماعات المحلية
بالتحول المعلن من الاشتراكية و توجه الدولة للاقتصاد فإلى الليبرالية و اقتصاد السوق .
غير أن تنظيم أول انتخابات تعددية محلية سنة 1990 والتي انبثقت عنها مجالس
سيطر على أغلبها الحزب الإسلامي وما تلاها بعد الدور الأول من تشريعيات 1991 التي أحرز
فيها نفس الحزب على أغلبية المقاعد دخل بالجزائر في أزمة سياسية أدت إلى حل هذا الحزب
وتوقيف المسار الانتخابي ثم إعلان حالة الطوارئ وتمديدها فيما بعد.
وكان من الطبيعي حل المجالس الشعبية الولائية والبلدية آنذاك، هذا
ما جعل نظام اللامركزية في الجزائر يدخل في مرحلة انتقالية أخرى طبعها تنصيب
المندوبات التنفيذية المؤقتة المعينة مكان المجالس المنتخبة.
و تتالت فيها المراسيم التنفيذية المكرسة لرقابة الدولة و هيئاتها المركزية و اللامركزية و الساحبة للصلاحيات من الهيئات اللامركزية، و لم تستأنف انتخابات المجالس المحلية إلا في سنة 1998 ثم نادى غالبية الفاعلين في الحياة السياسية من أحزاب و منتخبين و حتى الحكومة إلى ضرورة مراجعة النصوص القانونية الخاصة بالبلدية و الولاية، و بالفعل صدر قانونين جديدين متعلقين بالبلدية 11/10و الولاية 12/07،فكان من البديهي في تخصص القانون العام للماستر كأهم موضوعات القانون الإداري التعرض للتنظيم الإداري للجماعات المحلية حتى نطبق و نلمس ما درسناه في النظري من خلال تحليل و نقد التنظيم الإداري للجماعات المحلية وفق برنامج هو موضح في الفهرس ،
تقسيم الدراسة إلى ثلاثة فصول كالآتي :
- الفصل التمهيدي: أسس التنظيم الإداري في الجزائر
- الفصل الأول: الإطار القانوني والتنظيم الإداري للجماعات المحلية
- الفصل الثاني: صلاحيات الجماعات المحلية والرقابة عليها

0 تعليقات