صيغ الفعل المزيد في القرآن الكريم.pdf
يعد النص القرآني مصدر طاقة وقوة حيوية للغة العربية، ولولا هذه الطاقة الربانية والقرآنية ما كانت لتصل إلى ما وصلت إليه بما وهبها الله تعالى من المعاني الفياضة والألفاط المتطورة والتراكيب الجديدة.
إن البنية للقرآن الكريم لا يمكن تصنيفها ضمن الأجناس الأدبية، لأن القرآن نص متفرد له خصوصية لغوية وخطابية، منحتها له طبيعة النص ذاته باعتبار أن أي نص يأخذ أهميته من النص نفسه، ولا يتحدد عمله أو أثره في توجيه الحياة المعاصرة لنزوله وفقط، بل يمتد إلى الإنسانية كلها، مما يقتضي أن يكون تركيبه من نوع خاص.
والقرآن الكريم مصدر المعارف والدراسات اللغوية التي تأسست منه ولأجله، لهذا لا يمكن أن يصنف أدبيا ضمن الأشكال الأدبية المعروفة لأنه لم تتكرر بعده نصوص مشابهة تحذوه وفقا لأشكاله وصيغه الأسلوبية حتى يتحول إلى جنس معين.
واللغة العربية تمتاز بتعدد أبنيتها، وتتنوع صيغها القادرة على استيعاب المعاني والأفكار، حيث أن الصيغة الواحدة قد تؤدي معان وظيفية عدة، تبعا للسياقات المختلفة التي ترد فيها، ولها دور أيضا في وضع الحدود بينها وبين غيرها من البني الصرفية إذ تتأسس الدلالة الصرفية انطلاقا من بنية الكلمة ومن موضعها داخل السياق، وهذا مايضفي ثراء وتنوعا دلاليا للبنية الصرفية الواحدة.
فاللغة العربية تعد خزينة العلوم اللغوية المختلفة، من نحو، وصرف، وبلاغة، وعلم التصريف، هو من أجل العلوم وأشرفها في فهم القرآن الكريم، ولقد أولاه علماء اللغة العربية أهمية تليق بمكانته وموضعه في مستوى الدرس اللغوي العربي، فأنتجت جهودهم علما يعرف بعلم الصرف العربي له مصطلحاته ومقاهيمه وقواعده التي يتجسد من خلالها التركيب اللغوي السليم.
وتأتي هذه الدراسة في مصاف الدراسات التي تعنى بدراسة مفردات القرآن الكريم، وهو ما يندرج تحت مايطلق عليه البنية المصرية، أو ما يندرج حديثا تحت مصطلح (Merpheme) ويطلق على فرع علم اللغة الذي يعنى بدراسة أشكال الكلمات وصيغها المختلفة (Morphology).
وتعد هذه الدراسة لبنة تضاف إلى هذا الصرح من الدراسات ومحاولة إبراز المعاني الوظيفية التي تقوم بها صيغ الكلمات في الجملة أو في النص القرآني، وتحديد المعاني الدلالية المفردة بحسب صيغتها، وبحسب السياقات التي ترد فيها.
ولما كانت هذه الدراسة تستهدف البنية الصرفية ودلالاتها في القرآن الكريم جاء موضوع بحثنا على النحو التالي: صيغ الفعل المزيد في القرآن الكريم "دراسة دلالية"، ومادام موضوع البحث يهتم بدراسة الصيغ الصرفية بكل تفريعاتها وسياقاتها المختلفة ، ومائوحی به من دلالات تتباين بتباين السياقات، جاءت هذه الدراسة لتدرس صيغ الفعل المزيد في " نماذج آيات من القرآن الكريم" موضوعا للبحث لأنه من صميم البحوث المتعلقة بألفاظ ومفردات اللغة العربية لغة القرآن الكريم
سبب اختيار موضوع البحث
هو أن القرآن الكريم يعتبر المصدر الأول من أصول النحو والصرف، وهو الكتاب الأكثر ذلك أن بين علوم القرآن وعلوم العربية ارتباطا وثيقا ومحكما، فألفاظ القرآن هي لي كلام العرب وزيدته وعليه اعتماد الفقهاء والحكماء في أحكامهم وحكمهم، فكان هذا دافعا للوقوف على نهج القرآن في الأساليب والصياغة والتراكيب واستخدام المفردات، وهذا بلا شك يبرز مدى الترابط الذي يجمع بين العلوم الشرعية واللغة العربية بصورة مجملة.
أهمية البحث
تكمن في كونه يربط علم الدلالة (Semantique) بعلم الصرف (Morphologie) مما يعكس القيمة الحقيقية التي من أجلها أنشئ علم الصرف، والتي تتمثل في حصول المعاني المختلفة المتشعبة عن المعنى الواحد.
وبناء على ما تقدم فإن هذا البحث يستمد أهميته من كون الدراسة صرفية متعلقة بالقرآن الكريم، بالتركيز على: صيغ الأفعال المزيدة، ودراستها دراسة دلالية : لاشك سيفيد البحث بصورة دقيقة في معرفة بقية الكلمة وبالتالي في عملها، وهذا سيقود إلى استخدام الكلمة وفق معان مرادة مسبقا بحيث لو تغيرت بنيتها لتغير معناها. كما تظهر أهميته أيضا في 1- الآيات التي ترد فيها الأفعال المزيدة، مما يعني أن دراستها سوف تؤدي إلى اكتشاف ومعرفة مافيها من المعنى والصرفي خاصة
2- إن الدراسة الصرفية في القرآن الكريم سوف تساعد في اكتشاف الرسائل القرآنية فيها بمفهوم أحرف الزيادة في الأفعال لتحصيل الفوائد والمعاني المقصودة.
3- إن دراسة الأفعال المزيدة وفوائدها في القرآن الكريم يفيد الباحث وغيره من الباحثين كيفية دراسة الملامح الصرفية في القرآن الكريم بأسلوب علمي
وتهدف الدراسة إلى ما تضمنته الأفعال المزيدة من صيغ ومعان وإبراز دورها في توصيل المعاني حسب الأحوال والمواقف، وقد مضيت إلى كتاب الله العزيز أجمع ما ورد فيه من أبنية الفعل المزيد في (تماذج آيات من القرآن الكريم) لمعرفة أثر الزيادة في دلالة الفعل واستعماله، ورأيت الأسلوب الحكيم لكل فعل مقام معلوم من ذلك. ومن أهداف الدراسة أيضا التي يسعى البحث إلى تحقيقها ما يلي:
1- إظهار نماذج من الآيات القرآنية التي ترد فيها الأفعال المزيدة بحرف وبحرفين وبثلاثة أحرف وكذا الرباعي المزيد.
2- معرفة دلالات الأفعال (الصين) المزينة، والكشف عن تأثر المعاني والمباني، وعرض ذلك على القرآن الكريم، وما أطلعت عليه من كتب المفسرين، بغية التعرف على بعض أسرار الأداء القرآني المعجز في كلامه فموضوع البحث يعالج
إشكالية رئيسية جوهرية مضمونها كالتالي:
ماهي المعاني التي تنتج أو تتولد عن الزيادة في الأفعال المزيدة الواردة في نماذج من الآيات القرآنية، وإلى أي مدى توفرت فيها؟
والتي بدورها تفرع إلى عدة أسئلة أهمها:
- بالصرف؟ وما العلاقة التي تربط بين الصرف والتصريف والاشتقاق.
- ما هي الأبنية المصرفية للأفعال المجردة والمزينة؟
- ماهي دلالات أبنية الفعل الثلاثي المزيد في القرآن الكريم؟
- ماهي دلالات أبنية الفعل الرباعي المزيد في القرآن الكريم؟
- إلى أي مدى ساهمت الزيادة في إثراء اللغة العربية؟
وكانت الإجابة عن هذه الأسئلة متولدة في خطة فرضتها طبيعة الموضوع مشكلة على النحو التالي:
مقدمة وأربعة فصول وخاتمة
تم التعرض في المقدمة إلى رسم المعالم العامة للموضوع، وكانت بالتحدث عن مجمل ما ورد عن ظاهرة الأبنية العربية للمعاني الصرفية من خلال القدماء والمحدثين والتي تكون بؤرة هذا الموضوع واشتملت المقدمة على مواقع اختيار موضوع البحث، وأهميته وأهدافه، ومنهجه بعدها وضعت فصول البحث الأربع موزعة على النحو التالي:
الفصل الأول: تحديد المفاهيم والمصطلحات حيث تناولت فيه ما يلي:
أ- مفهوم علم الصرف.
پ- العلاقة بين الصرف والتصريف والإشتقاق.
ج- مفهوم علوم القران.
د- مفهوم الحقول أو المجلات الدلالية وأنواعها.
الفصل الثاني: الأبنية الصرقية ودلالاتها.
وتضمن العناصر التالية:
أ- تعريف الفعل
ب- اقسام زمن الفعل في العربية.
ج- تحديد مفهوم الميزان الصرفي وفائدته.
د- تحديد الأبنية المصرفية ( المجرد والمزيدة )
الفصل الثالث: الزيادة وأنواعها .
وشمل بعض العناصر منها:
أ- تعريف الزيادة
ب- انواع الزيادة ج- أبلة الزيادة.
د- مساهمة الزيادة في إثراء اللغة العربية.
الفصل الرابع: خصصته لصيغ الفعل المزيد ودلالاتها في القرآن الكريم:
وجاء فيه دراسة مايلي:
أ- دلالات صيغ الفعل الثلاثي المزيد بحرف بدلالات صيغ الفعل الثلاثي المزيد بحرفين.
ج- دلالات صيغ الفعل الثلاثي المزيد بثلاثة أحرف.
د- دلالات صيغ الفعل الرباعي المزيد.
1- بحرف واحد.
2- بحرفين.
اقتضت طبيعة البحث أن تفرض إتباع المنهج الوصفي مع الية التحليل القائم على ظاهرة تعدد الأبنية المعاني الصرفية، ولأن التعد يعود إلى أكثر من سبب، وهذه الأسباب قد تكون نهجية أو دلالية أو صوتية أو صرفية وقد اعتمد الباحث على مجموعة من المصادر والمراجع أهمها: القرآن الكريم برواية ورش عن نافع. وتلتها أهم المصادر:| الكشاف للزمخشري، روح المعاني في تفسير القران للألوسي، کتاب سیبویه، همع هوامع السيوطي، شرح شافية ابن الحاجب للاستيريادي، وأنسب الكتاب لابن قتية ومن أهم المراجع التطبيق الصرفي لعبده الراجحي، أبنية الصرف في كتاب سيبويه لخديجة الحنيني إضافة إلى كتب التفاسير اللغوية منها: تفسير التحرير والتنوير للطاهر ابن عاشور ، معجم مفردات الفاظ القرآن للراغب الأصفهاني، والبرهان لعلوم القرآن للزركشي، وتفسير البحر المحيط لأبو حيان الأندلسي، والمحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز بن عطية ,
وقد واجهت الباحث عدة صعوبات منها: نقص المصادر والمراجع وبخاصية التطووقوية منها، وكذا شساعة المادة العلمية وتشعبها مما يصعب التحكم فيها وتحليلها، ولكن الفضل في البداية يرجع لله سبحان وتعالى الذي أعانني على إنجاز هذا البحث، وكذا توجيهات المشرف الأستاذ الدكتور جودي مرداسي الذي أمتني بيد العون بتوجيهاته السديدة وأفكاره المائية، مما مكنني من إنجاز هذا البحث.

0 تعليقات