استغلال براءة الاختراع و حماية الحق في ملكيتها.PDF

 إن براءة الاختراع مال له قيمة اقتصادية، وهي بهذه الصفة تدخل في الجانب الإيجابي للذمة المالية للمخترع، وهي تخول لمالكها دون غيره الحق في استغلال الاختراع في حدود إقليم الدولة المانحة لها. وعليه، فإن براءة الاختراع تنشئ حق احتكار مؤقت لصاحبها لاستغلال اختراعه، ولما كانت ملكية المخترع على اختراعه من نوع خاص تمثل في حقيقتها طبيعة اجتماعية، فإن المشرع قد اعترف الصاحب البراءة بالحق في استخدامها فيما يحقق مصلحة الجماعة، فهو إضافة إلى أنه حق مؤقت يسقط بعد مضي مدة معينة، فإن المشرع قد ألزم مالك البراءة باستغلال الاختراع حتى يفيد منه المجتمع.

أطروحة دكتورة

Droit et Sciences Politiques - الحقوق و العلوم السياسية

استغلال براءة الاختراع و حماية الحق في ملكيتها


استغلال براءة الاختراع و حماية الحق في ملكيتها


إن موضوع استقلال براءات الاختراع وحماية الحق في ملكيتها هو من المواضيع القانونية الحديثة والهامة بذات الوقت، وقد حاولت هذه الدراسة إلقاء الضوء على الجوانب القانونية المختلفة للعمليات أو التصرفات القانونية التي ترد على براءة الاختراع والقيود التي ترد على حق ملكيتها، والحماية القانونية المقررة لها على ضوء التشريع الداخلي وأحكام الاتفاقيات الدولية المنظمة لهذا المجال. كل هذا على ضوء أحكام الأمر رقم 2003-07 الصادر بتاريخ 19 يوليو 2003 المتعلق ببراءات الاختراع والتشريعات الوطنية الأجنبية المقارنة والاتفاقيات الدولية. وبعد الانتهاء من دراسة هذا الموضوع، فقد انتهينا إلى بعض النتائج وعلى ضوئها تتقدم بتوصيات يمكن إجمالها في الاتي:

أولا: النتائج

1- إن التشريع الجزائري المنظم لحماية براءات الاختراع وفي إطار الفلسفة القائم عليها نظام اقتصاد السوق الغانم بدوره على المنافسة المشروعة وتشجيع الابتكار والإبداع في جميع المجالات، فهو مكيف مع المتطلبات الاقتصادية القائمة على تطبيق الاختراعات في مجال الصناعة الوطنية، على اعتبار أن الإنتاج الفكري لا يقل أهمية في دورة عن الإنتاج المادي حيث يتم من خلاله إرساء الأسس لجميع صور التطور، فقد تبنى المشرع الجزائري نظام التوسع في مجالات منح براءات الاختراع من خلال أحكام الأمر رقم 3()()2-17) المتعلق ببراءات الاختراع، وذلك إمكانية الحصول على براءة اختراع لجميع الاختراعات مهما كان مجالها التكنولوجي

2- أفز المشرع الجزائري جملة من الحقوق لصاحب البراءة الذي استوفي الشروط والمعايير الحديثة التي تعتمدها غالبية تشريعات حماية براءات الاختراع في الدول المتقدمة، من ضرورة أن يتضمن الاختراع نشاطا ابتكاريا، وأن يكون جديدا وقابلا للتطبيق الصناعي، كشروط موضوعية عامة، مع أخذه بالجدة المطلقة باعتبارها من أحسن المعايير في النظم الحديثة لفحص الاختراعات، مع وجوب اتباعه جملة من الإجراءات الشكلية المحددة سلفا لكي يتمتع بحقوق استئثارية على اختراعه، كاستغلاله والاستفادة منه ماليا لمدة عشرين سنة يبدأ احتسابها من تاريخ إيداع الطلب، وحقه في التصرف فيه بأي شكل من الأشكال، كما أجاز منحه التراخيص التعاقدية، إلا أنه لم يضع تنظيما قانونيا مفصلا بحكم هذا العقد من لحظة إبرامه إلى زواله.

3- نظم المشرع الجزائري الالتزامات التي ترتبها البراءة على عاتق مالكها، كالتزامه بدفع الرسوم المقررة قانونا بما فيها رسوم الإيداع والتسجيل ورسوم الإبقاء على سريان مفعول البراءة ( المادة 9 من الأمر رقم 2003-07)، والتزامه باستغلال الإختراع الذي يعد بمثابة مقابل الحق في احتكار استغلال الاختراع الذي تمنحه البراءة، كما نظم المشرع الحقوق التي تخولها البراءة لمالكها، كحقه في التصرف في البراءة بجميع التصرفات المقررة قانونا، كالتنازل عن ملكية الاختراع للغير، أو الترخيص للغير باستغلاله، أو رهنه رهنا حيازيا، أو تقديم الاختراع محل البراءة كإسهام في شركة تجارية

4- كما تبين لنا أن طبيعة حق المخترع أنه حق مؤقت وغير كامل، فهو أقرب إلى الاحتكار منه لحق الملكية، حيث أبانت الدراسة أن حق مالك براءة الاختراع في الاستئثار بالحقوق التي تخولها البراءة لبس مطلقا، بل يخضع لقيود قانونية متعددة، فهناك قيود تفرضها المصلحة العامة كالقيد الزماني، إذ أقر المشرع الجزائري على غرار بقية المشرعين مدة الحماية القانونية الممنوحة للبراءة بعشرين سنة نحتسب ابتداء من تاريخ تقديم طلب الحصول عليها ، يؤول الاختراع بعدها إلى الملك العام، بحيث يجوز للكافة استغلاله والاستفادة منه، وهناك قيود ترد على حق تملك البراءة، ويحظر الحصول على براءة اختراع بشالها، كتلك الاختراعات المتعلقة بالأمن والدفاع الوطني، أو تلك التي يكون تطبيقها واستغلالها في الجزائر محلا بالنظام العام أو الآداب العامة، أو مضرا بالصحة العامة أو يشكل خطرا على البيئة 5- لقد تضمن الأمر رقم 2003-07 المتعلق ببراءات الاختراع التنظيم القانوني الرخص الإجبارية كقيود على حق ملكية براءة الاختراع، وذلك بإفساح المجال أمام مستغل آخر لاستغلال الاختراع جبرا على مالكه تحقيقا للمصلحة العامة، وذلك لعدم قيام مالك البراءة باستغلال اختراعه فعليا، أو في حالة عدم كفاية استغلاله لسد حاجات السوق الوطنية، كما قد يمنح الترخيص الإجباري للدولة لاعتبارات الأمن والدفاع الوطني والمنفعة العامة غير التجارية

6-حرصا من المشرع على دعم الحقوق الاستشارية المترتبة عن ملكية براءة الاختراع، فقد قرر المشرع الجزائري حماية جزائية وذلك بتوقيع جزاءات جنائية على من يرتكب إحدى الأفعال التي تشكل اعتداء على هذه الحقوق، وحماية مدنية وذلك بإعطاء مالك البراءة الحق في التعويض عن الضرر الذي يصيبه جراء الخطأ الذي يرتكبه الغير في مواجهته ويكون متعلقا بالبراءة

ففيما يخص الحماية الجزائية، لقد حدد المشرع الجزائري الأفعال التي تشكل اعتداء على ملكية براءة الاختراع التي تنشأ عنها جرائم ودعاوى جنائية، منها الأفعال المكونة لجريمة التقليد، ومنها ما يشكل جرائم ملحقة بها، وقد قرر المشرع عقوية موحدة لكل جريمة من هذه الجرائم، تمثلت في عقوبة الحبس الذي لا يقل عن ستة (06) أشهر ولا يزيد عن سنتين (02)، والغرامة المالية التي لايقل حدها الأدنى عن مليونين وخمسمائة ألف دينار جزائري (2.500.000 دج) ولا يزيد حدها الأقصى عن عشرة ملايين دينار جزائري ( 10.000.000 دج أو بإحدى هاتين العقوبتين إلا أنه وما لمسنا من خلال هذه الدراسة هو اكتفاء المشرع من خلال الأمر رقم 2003-07 المتعلق ببراءات الإختراع بتكييف دعوى التقليد على أنها دعوى جزائية ترتب عقوبات جزائية فقط دون تبيان الإجراءات القضائية الخاصة بها، فكان من الأجدر أن يخص المشرع هذه الدعوى بإجراءات أضائية سريعة تتطابق وخصوصية الفعل المجزم، قبطء إجراءات السير في الدعوى وعدم وضوح نتيجتها، جعلت أغلب المدعين يفضلون الطريق المدني، إذ هم يفضلون الحصول على تعويض عن الخسارة التي لحقت بهم، عوض البحث عن توقيع العقاب على المعتدين والمرهون بإدانتهم جزائياء

أما فيما خص الحماية المدنية، فلقد من المشرع مالك البراءة من الحق في المطالبة بالتعويض على الضرر الذي يصيبه من جراء الخطأ الذي يرتكبه الغبر في مواجهته، ويكون فيه مساسا بالحقوق الناجمة عن البراءة، وذلك تطبيقا للقواعد العامة في القانون المدني، في إطار المنافسة غير المشروعة ، أو له الحق في رفع دعوى المنافسة غير المشروعة ذات الطابع الجزائي ضمن القانون رقم 4)-12) الذي يحدد القواعد المطبقة على الممارسات التجارية. فكل صور المنافسة غير المشروعة أصبحت تهدد ليس فقط أصحاب براءات الاختراع، وإنما السوق الجزائرية كذلك أصبحت تتضرر جزاء هذه التصرفات التي تمس بالدرجة الأولى المستهلك . 7- فيما يخص الحماية الدولية، تتمثل حماية الإختراعات عن طريق انضمام الدول للإتفاقيات المبرمة في هذا الشأن والمصادقة على أحكامها من أجل العمل على توفير الحماية القانونية اللازمة للمخترع. وقد كانت أول هذه الإتفاقيات إتفاقية باريس لحماية الملكية الصناعية لعام 1883، والتي تعتبر الدستور الدولي لحماية الملكية الصناعية عامة، وبراءات الإختراع على وجه الخصوص لما تضمنته من أواعد موضوعية من شأنها إقامة نظام دولي لحماية براءات الإختراع والحقوق الناشئة عنها. فاتفاقية باريس تعتير - حسب رأينا- الدعامة الرئيسية للنظام الدولي لحماية الملكية الصناعية، تلاها عدد لا باس به من الإتفاقيات التي تناولت بالتنظيم حقوق الملكية الصناعية، كما هو الحال بالنسبة لمعاهدة التعاون الدولي بشان البراءات التي أبرمت في واشنطن عام 1970، وتم تعديلها عامي 1979 و 1983، واتفاقية الجوانب المتصلة بالتجارة من حقوق الملكية الفكرية TRIPS حيث أن حقوق الملكية الصناعية عامة ولا سيما المتعلقة ببراءات الإختراع قد باتت مكفولة في الكثير من جوانبها بالحماية على المستوى الدولي، وذلك في ضوء الجهود الدولية التي أثمرت إبرام العديد من المعاهدات والاتفاقيات الدولية. حيث أبانت هذه الدراسة مدى تأثير هذه الإتفاقيات الدولية على الإطار التشريعي لحقوق الملكية الصناعية عامة وبراءات الإختراع بصفة خاصة، كما هو الشأن بالنسبة للقانون الجزائري المتعلق ببراءات الإختراع الذي تدعم بنصوص حديثة استمدت توجهاتها الأساسية من أحكام ومبادئ هذه الإتفاقيات الدولية.

لتحميل ملف الاطروحة بصيغة pdf اضغط على رابط التحميل في الاسفل 

رابط التحميل: استغلال براءة الاختراع و حماية الحق في ملكيتها.pdf

إرسال تعليق

0 تعليقات