نصائح اقتصادية من الحائزة على جائزة نوبل في الاقتصاد في طفولتي
سلام الله عليكم وسلام الله على روح "عمتي" رحمها الله، سابقًا في تعليقات متبادلة مع أستاذنا الفاضل أيمن، طلب مني مشاركة بعض نصائح عمتي هنا في مساحته الجميلة والمبدعة حكايات اقتصادية، ستكون النصائح مركزة ومباشرة تمامًا كما كانت تخبرني بها رحمها الله، واتمنى والله أن استطيع أن اتذكر كل شيء وأقصه عليكم هنا، والآن، كلاً منكم يحضر براد شاي لطيف، استكانة زجاجية صغيرة، أصحاب الأجواء الباردة يحضرون معهم بطانيات تصلح لليالى باردة ولكنها لطيفة، أصحاب الأجواء الحارة فلتوقفوا أجهزة التكييف قليلاً أو المروحة حتى نتشارك معًا دون صوت محركاتهم، والآن ليغلق أحدكم باب الغرفة هذا وتفضلوا، البيت بيتكم.
لف السوق كله ومن ثم غادره!
النصيحة الأولى التي تخبركم بها عمتي رحمها الله، إن لا تذهب للسوق وأنت مجبر على شراء شيء ما، كانت تخبرني أن بيع الغناوة رباح وشراء الغناوة فلاح، الغناوة هي كلمة عامية تأتي من لفظة الغنى أو الاستغناء، أي أنك تمتلك شيء ما وتحب أن تبيعه وأنت لست مضطرًا لذلك فأنت هنا تجس نبض السوق وتبيع بيع غناوة، فتطلب السرع الذي تريد، كذلك نفس الأمر في الشراء، لا تضطر للاشتراء وأنت مضطر، بل اشترى شراء الغناوة كذلك، إذا كنت مضطرًا لشراء شيء جبرتك الظروف عليه، لتجعل عملية الشراء أن كنت تملك وقتًا على مرتين، الأولى أن تلف السوق تبحث عن مطلبك، قد تغير قناعاتك، أو قد تغير حتى المنتج الذي تبحث عنه، قد تخفض من ميزاته حسب ميزانيتك، أو قد ترفع سقف ميزانتيه، المهم أن تعرف وتبحث في كافة الخيارات ومن ثم تذهب وتمنح لنفسك الفرصة كي تقرر ما الذي ستشتريه
يمكنك تطبيق القاعدة تلك في كافة أمورك، لو فكرت في شراء سيارة، أذهب بدفترك ومن ثم دون أسم المعرض، أسم السيارة، موديلها، سعرها، قسط، أم نقدًا، راحتك ناحيتها، جربها، ومن ثم انتقل للسيارة التالية، ومن ثم المعرض التالي، ومن ثم انتهي من السيارات وانتهي من كافة المعارض، وأذهب لبيتك، واستعرض دفترك، وأبحث على الأنترنت عن رأي الأخرين في السيارة تلك أو ذاك، نفس الأمر على شراءك لشقة ما، قطعة أرض، علمتني رحمها الله أن استعين بالدفتر الذي كان يلازمني في تجوالي معها في السوق لشراء حاجيات الدواجن والحمام.
قم بتفتيت الامتيازت الممنوحة في صفقة ما، ومن ثم سترفضها كلها!
كنت دومًا ابتهج بأي صفقة في صغري عندما أذهب إليها وأخبرها أن شخص ما سيعطيني كذا وكذا زيادة عن المعتاد، وفي صفقة لا تعوض، ووقتها محدود للغاية، فتخبرني، مممممم، ليس هناك شيء مجاني يا محمد، فيما بعد عرفت القاعدة الاقتصادية اللطيفة التي تقول ليس هناك غداء مجاني إبدًا، ومن ثم تخبرني تعال لنفتت الامتيازات الممنوحة لك، هو يخبرك أنك ستستفيد من كذا وكذا وكذا، صحيح؟ نعم، ومن ثم سيوفر عليك كذا وكذا وكذا صحيح؟ فأخبرها نعم وانا مبتسم، فتقول لي هل فعلاً أنت تحتاج امتياز كذا وكذا الزائدان عن الاميتاز كذا الأول والمعتاد أنك تقوم بشرائه أصلاً، فاحتار، ومن ثم تكمل بالقاضية، وهل أنت فعلا ستوفر خيارات كذا وكذا الذي أنت أصلا لم تحتاج إليهم من قبل، فكر يا محمد أن تفتيت الأشياء يظهرها على أصلها.
ومن ثم تخبرني كم المدة التي أخبرك أنه عليك أن تتخذ قرار فيها، أخبرها قال يوم واحد أو يومان بالكثير، تخبرني يالكرمه، هذا عامل ضغط يا محمد، أنت لم تحتاج مسبقًا لتلك الامتيازات التي يمنحها لك لأنك ببساطة لا تملك الوقت كي تستفيد منها، كذلك أنت لا تحتاج لأن توفر تلك الميزات لأنك أصلاً لا تستخدمها كي تقوم بتوفيرها، أعلم يا محمد أن كل صفقة مشروطة بوقت هي صفقة خاسرة، فقط عامل ضغط على تفكيرك كي تتخذ قرار ما وغالبا قد يكون قرار خاسر وخاطئ، ليست كل الصفقات المشروطة بوقت خاسرة ولا كلها مكائد لكن أغلبها هكذا، لذا تعلم أن تفتت كل شيء ليظهر لك على أصله.
عندما توفر القليل، يصبح لديك الكثير!
عندما كنت صغيرًا كانت مدرستي قريبة للغاية، يمكن أن أتمشي إليها، وعليه كان مصروفي صغيرًا للغاية فعلاً، لم أكن في عائلة غنية وفي نفس الوقت لم أكن في عائلة في فقيرة، نشأت في عائلة متوسطة، وعليه كان الحرص أميل لأن يكون العادة الأغلب فيها، عندما كنت أخبر عمتي أن مصروفي لا يكفيني فتقول لي لما؟ فأخبرها أنه أن وصلت لمدرستي بالمواصلات، لن يكون معي ما يكفي لإطعامي، وأن أشتريت طعام لي مع زملائي لن أجد ما يكفي كي اتناول مشروب ما، وأن فعلت ذلك لن أجد ما يكفي معي في نهاية الأسبوع كي أشتري كتبًا أو يصبح لدي مال بحوزتي.
أخبرتني في صغري أنه من ينفق كافة ما يملك سيستدين، ومن يعيش بالدين يموت به ببساطة، علمتني انني دومًا ما يجب أن أمتلك مال طوارئ مهما حدث ولا يجب أن أنفقه مهما حدث، وعندما أنفقه يجب علي فورًا تعويض الجزء المنفق منه، أعطتني مائة جنيه وهو ثروة في ذلك الوقت، قالت لي ذلك مال الطوارئ الخاص بك يا محمد، لا تجعلني أندم عندما أطلبه منك، أو عندما تعطيني أنت إياه عندما تملك ما يساويه، تلك كانت كرة فائزة، علمتني قيمة أن يكن معي مالًا فائضا وذلك شعور لطيف للغاية بالمناسبة.
ومن ثم علمتني ان اقتصد في نفقاتي، السير للمدرسة صحة، لا بأس وطريق لطيف مع الأصدقاء، أن تحضر طعامك من منزلك شيء لطيف وصحي، ان تتناول مشروب مع أصدقائك لطيف ويكفي لخلق صداقات لطيفة وان تكون مثلهم في بعض الأشياء ولست أقل منهم ولا أكثر، رحمها الله كانت تخبرني أنه عندما أشترى كتبًا فأنها ستدفع لي جزء ما من ثمن الكتب كل فترة، بعد تقريبًا 4 أشهر، رددت إليها مبلغ المائة جنيه، وأخبرتها انني أمتلك مثله، وكانت سعادته كبيرة لدرجة أنها أعطتني إياه مرة ثانية فأصبح لدي مائتان جنيه :).
يجب إن يكن لديك ما تستثمر وقتك ومالك فيه!
كانت تخبرني رحمها الله أنها تملك المال، الكثير من المال، ولكنها تعمل في الخياطة كهوية واستثمار، وتربي الحمام والدواجن للاستثمار والانتفاع بلحومها وبيضها، هي كانت يمكن لها إلا تفعل ذلك، ولكن أخبرتني إنه أن لم يجد الإنسان شيء ما يستثمر فيه وقته وماله، ستفسد روحه ويمل الحياة، وعليه يجب عليك أن تجد ما تستثمر فيه وقتك ومالك، طبعًا وقتك بعد أن تقوم بمهامك معي في ما أفعله، "أومال أنت فاكر أيه؟ :)"
نصائحها كانت لطيفة قمت ببيع أول كتاب كنت اشتريته في الصف الأول الأبتدائي، بعد أسبوعين من شراءه، كنت أشتريت ذلك الكتاب بعشروة قروش ومن ثم بعد قراءته عرضته للبيع بخمسة وعشرين قرشَا وأشتراه أحد أصدقائي بالفعل، كنت سعيدًا، وذهبت إليها لأخبرها، قالت لي التجارة تسع أعشار الرزق، فتاجر بالحلال ربك يرزقك دون حساب.
من صغري تعلمت التجارة، أن أشترى الأشياء وأقوم بإعادة بيعها، بالحلال، تعلمت أن أشتري مثلها واتفاوض مثلها، اراها كيف تفاوض البائعين وكيف تساوم في الأسعار دون بخس حق، عندما رغبت في نهاية دراستي الأعدادية في شراء مكتبة من أحد الأشخاص لم أكن أملك معي تقريباً سوى 200 جنيه مال الطوارئ، هي علمتني إلا استثمر بمال الطوارئ إلا في حدود، ذهبت إليها رحمها الله وأخبرتها عن الموضوع بكافة تفاصيله، طلبت مشاركتي :) وأخبرتني أبق مال الطوارئ معك، وسأدفع أنا ثمن المكتبة، وأنت عليك جهد بيعها، ومن ثم سنقتسم الأرباح بيننا، أتمنى من الله يا عمتي أنت تسامحينني لأنني استبقيت من الكتب جزء ما، ولم أسعره ولم أدخله في حساباتنا، اعتقد أنك كنتي تعرفين لكن مرة ثانية اطلب منك والله أن تسامحيني :(.
لا تبخس حق البيع، ولا تفرط في سعرك!
كانت تخبرني رحمها الله أن حلاوة الروح دومًا تظهر في اللسان، وأن حصانك هو نصف ثروتك وكل تجارتك، وأن الكذب يقص نصف اللسان، والافتاء يقص النصف الأخر، كانت تخبرني أنه عندما تشتري، لا تدفع أول سعر يخبرك به البائع، البائعون ليسوا ملائكة في الأخير، بل عليك أن تبحث وتدور وتلف السوق قبل أن تعود إلى خيارك الذي أخترت، تخبر البائع مباشرة أنك أخترته بعد أن شاهدت كذا وكذا وانك تنوي دفع مبلغ كذا له وفقا لسعر السوق ووفقا لجولتك الماضية، رحمها الله لم تكن تزيد جنيهاً فوق أي رقم تقوله ولو وقف البائع على رأسه.
عندما تملك منتج ما، لا تفرط في سعره، أعرضه بالسعر المعقول، والمناسب لك، أعرضه بالسعر المرضي كذلك، وعلمتني إلا أندم مهما حدث بخصوص أي صفقة قمت بها، مدام ارتضيت أن تبيع بذلك السعر أنتهى الأمر، لا تندم، ولا تدوش رأسي بتفاصيل لا داع لها، لأنك بعت اللبن ولم تسكبه.


0 تعليقات