تاريخ البحث العلمي في العصور الوسيطة

دروس و محاضرات في البحث العلمي

تاريخ البحث العلمي في العصور الوسيطة:

في العصور الوسيطة وهي التي ازدهرت فيها الحضارة العربية الإسلامية وفترة عصر النهضة في أوربا، منذ حوال القرن الثامن حتى القرن السادس عشر الميلادي. تمكن العرب والمسلمون من الإستفادة من معارفو علوم الحضارات السابقة لهم..فالحضارة الإنسانية سلسلة من الحلقات المتصلة، كانت حلقة الإتصال بين تلك الحضارات القديمة، وأضافوا إليها الكثير من العلوم والفنون تميزت بالأصالة العلمية. ولقد تجاوز الفكر العربي الحدود الصورية لمنطق أرسطو، أي عارضوا المنهج القياسي وخرجوا على حدوده الى اعتبار الملاحظة والتجربة مصدراً للبحث والتقدم العلمي..لقد اتبعوا في انتاجهم العلمي أساليب مبتكرة في البحث، فاعتمدوا على الاستقراء والملاحظة والتدريب العلمي والاستعانة بأدوات القياس للوصول الى النتائج العلمية..ونبغ منهم كثيرون كالحسن ابن الهيثم وجبر ابن حيان، ومحمد الخوارزمي، والبيروني، وأبو بكر الرازي، وابن سينا ..وغيرهم. وقد قال أحد مشاهير العلماء الامريكيين في تاريخ العلوم الدكتور "سارتون" ( لقد كان العرب أعظم معلمين في العالم في القرون الثلاثة الثامن والحادي عشر، والثاني عشر الميلادي..ولو لم تنقل إلينا كنوز الحكمة اليونانية لتوقف سير المدنية بضعة قرون..فوجود حسن ابن الهيثم وجابر ابن حيان وأمثالهما كان لازماً وممهداً لظهور غاليليو ونيوتن..ولو لم يظهر ابن الهيثم لاضطر نيوتن أن يبدأ من حيث بدأ ابن الهيثم..ولو لم يظهر جابر ابن حيان لبدء غاليليو من حيث بدأ..أي لولا جهود العرب لبدأت النهضة الأوربية في القرن الرابع عشر من النقطة التي بدأ منها العرب نهضهتم العلمية في القرن الثامن للميلاد). لقد أسهم العرب بانتاجهم العلمي الأصلي وباصطناع منهج الاستقراء، واتخذوا الملاحظة والتجربة أساس البحث العلمي، وقد نقلوا علوم ومعارف الحضارات السابقة الى أوربا بداية عصر النهضة. معنى ذلك أن اطلاع الأوربيين في بداية عصر النهضة على التراث العربي والإسلامي هو نقطة الانطلاق التفكير والبحث العلمي في أوربا في الحضارة الأوربية التي ازدهرت بعد ذلك.. وفي مقدمة من أرسى قواعد التفكير العلمي في أوربا " روجر بيكون 1214-1294"  و" ليوناردو دافنشي 1452-1515" وغيرهما ممن طالبوا باستخدام الملاحظة والتجريب وأدوات القياس للوصول الى الحقائق، وعارضوا منهج أرسطو في القياس المنطقي. ورغم مطالبة أولئك المفكرين بتبني الطريقة العلمية، إلا أنهم لم يستخدموا هذه الطريقة فعلاً إلا في حدود ضيقة، ورغم التحرر التدريجي من سلطة الكنيسة ورجال الدين المدعين إلا أن هذه السلطة كانت ما تزال لها فاعليتها، وقد عانى الكثير من العلماء في تلك الحقبة من التعذيب والاضطهاد على يد تلك السلطة، واضطروا لإنكار الكثير من النظريات والحقائق التي توصلوا اليها مرغمين.

 

تاريخ البحث العلمي في العصور الوسيطة

إرسال تعليق

0 تعليقات