الاستثمار الأجنبي المباشر كان من أهم رؤوس الأموال التي شهدت تطورا كبير، بحيث عرف هذا الاستثمار اهتماما من طرف العدي من الدول في العقد الأخير من الزمن. حيث ظهرت الحاجة إليه من طرف الدول النامية على غرار الدول المتقدمة نظرا لما له من فوائد اقتصادية واجتماعية تعود على البلد الضيف ومن أجل الظفر بهذه الفوائد، تحاول العديد من الدول استقطاب الاستثمار الأجنبي المباشر إليها وذلك باستعمال عدة إجراءات وأدوات تخفف من وطأة التكاليف التي قد يتحملها المستثمر الأجنبي من جهة، ومن جهة أخرى توفر له المجال والبيئة المناسبة لتحقيق نشاطه الاستثماري مما يجعله يقبل على الاستثمار.
لهذا عرفت الجزائر منذ بداية عقد التسعينات من القرن المنصرم, تحول في توجهات السياسات الاقتصادية من رفض للاستثمار الأجنبي المباشر إلى تشجيعه بعد تزايد الاقتناع بأهمية الدور الذي يلعبه هذا النوع من الاستثمار في عملية التنمية الاقتصادية، سواء من حيث كونه مصدرا مستقرة نسبيا للتمويل مقارنة بالأنواع الأخرى من مصادر التمويل الأجنبي، أومن حيث كونه وسيلة هامة لتوفير فرص التشغيل، ونقل تكنولوجيا الإنتاج وتحديث الصناعات المحلية وتطوير القدرات التنافسية التصديرية للاقتصاد وتحقيق الاستخدام الكفء للموارد النادرة, فضلا عن دوره في رفع مستوى الإنتاجية سواء من حيث تطوير المهارات و القدرات الابتكارية, أو من حيث تطوير الكفاءات التنظيمية والإدارية وتحسين جودة المنتجات السلعية والخدمات وتعميق وتوسيع الترابطات الإنتاجية.
و لقد كان من أبرز مظاهر هذا التحول هو إدخال العديد من التعديلات على قوانين الاستثمار وتوقيع العديد من الاتفاقات الثنائية و القيام بالعديد من الإصلاحات الاقتصادية والمالية والتشريعية بهدف تحسين المؤشرات الاقتصادية الكلية, وهذا من أجل تهيئة المناخ الاستثماري الملائم لاستقطاب الاستثمار الأجنبي المباشر، وعلى الرغم من الإدراك بأن ذلك النوع من الاستثمار لا يشكل بديل عن الاستثمار و الادخار المحلي, بل هو مكملا له و أن هذا النوع من الاستثمار يحمل بعض الآثار الاقتصادية و الاجتماعية السلبية الضارة, والتي تظهر كنتيجة لإزاحة جزء مهم من عملية الإنتاج والاستثمار.
ونتيجة لتزايد تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر خاصة بالنسبة للدول النامية، حيث يعد عاملا محفزا للتنمية. تعمل معظم الدول على خلق مناخ مناسب لجذب هذه الاستثمارات لذلك تمثل الهدف الأساسي لهذه الدراسة في التعرف على المؤشرات الاقتصادية الكلية التي تؤثر على الاستثمار الأجنبي المباشر في الجزائر، وهذا باستعمال أدوات القياس الاقتصادي بهدف التعرف على هذه المؤشرات في حالة الجزائر، ثم اختبار دورها في تفسير تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر، وفي هذا السياق تبرز لنا أهمية النموذج الذي يدرس العلاقة بين الاستثمار الأجنبي المباشر والمؤشرات الاقتصادية الكلية، حيث يساهم تحديده في صياغة السياسة الاقتصادية المناسبة ومن ثم جاء موضوع هذا البحث لدراسة هذه العلاقة على مستوى الجزائر وذلك في الفترة 1985-2007
و بناءا على ما سبق حاولنا من خلال فصول بحثا المختلفة التوصل إلى مجموعة من النتائج والتي من خلالها يمكن أن نؤكد صحة الفرضيات المعتمدة ضمن دراستنا، و التي على أساسها يمكن تقديم جملة من المقترحات و التوصيات المقيدة لتحسين المناخ الاستثماري في الجزائر ومن ثم تعظيم نصيبها من تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر. - أن الاستثمار الأجنبي المباشر ظاهرة اقتصادية معقدة من حيث كثير من الجوانب التي تخصها الأمر الذي دفع بالكثير من المدارس الاقتصادية والمفكرين والكتاب والاقتصاديين باختلاف عقائدهم وتوجهاتهم السياسية والاقتصادية إلى محاولة تفسيرها
- طرأ على النظام الاستثمار الأجنبي المباشر في الجزائر خلال فترة الدراسة، تغيرات التحديث هذا النظام من أجل المنافسة لجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية وذلك من خلال: إصدار القوانين حيث كان أولها في بداية التسعينات قانون (90-10) المتعلق بالنقد والفرض والثاني قانون (93-12) المتعلق بترقية الاستثمار الذي أكد على ضرورة فتح الباب أمام الاستثمار الأجنبي المباشر وآخر هذه القوانين قانون (01-03) الخاص بتطوير الاستثمار
صدور أوامر بإنشاء هيئات متخصصة في شؤون الاستثمار
القيام بالإصلاحات الاقتصادية وأثرها على تطور المؤشرات الاقتصادية، حيث حققت نتائج ايجابية في مجال النمو الاقتصادي و استقرار معدل التضخم في مجال اقل من 5% و استقرار سعر الصرف الحقيقي في حدود 70 دينار للدولار - بالرغم من تحسن المؤشرات الاقتصادية الكلية والتي تعتبر من بين أهم العوامل الأساسية المتوقعة ضمن مناخ الاستثمار، إلا أن البيانات الإحصائية أثبت أن حصة الجزائر من تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر تبقى ضعيفة، ومنه الاستثمار الأجنبي المباشر لم يرقي المستواه المطلوب.
من خلال البيانات الإحصائية التي استندنا إليها أثبتت على العموم أن مستوى أداء | وإمكانات الاستثمار الأجنبي المباشر في الجزائر و مستوی جاذبيتها له ما زال يحتاج إلى التحسين أكثر خاصة وأنها تتمتع بالكثير من الإمكانيات البشرية و المادية، وينقصها فقط بذل المزيد من الجهود و استغلال تلك الإمكانيات في سبيل النهوض بالتنمية فيها وبإفساح المجال أكثر لمساهمة القطاع الخاص بما فيه المستثمرين الأجانب. - تعتبر المؤشرات الاقتصادية عامل ضروري لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر ولكنها غير كافية، حيث تعتبر (البيروقراطية والرشوة والروتين الإداري وضعف هياكل الاستقبال... الخ) من العوامل الأساسية في طرد الاستثمار الأجنبي المباشر. - يتسم نموذج الاستثمار الأجنبي المباشر في الجزائر باللوغاريتمية مع المتغيرات المفسرة من خلال نتائج النموذج وجدنا أن نسبة 89%من التغير الحاصل في الاستثمار الأجنبي المباشر تفسره التغيرات الحاصلة في الناتج المحلي الإجمالي و معدلات التضخم، وما تبقى من نسبة تشير إلى وجود متغيرات أخرى تؤثر على الاستثمار الأجنبي المباشر.: من خلال النموذج نستنتج أن المؤشرات التي تؤثر على الاستثمار الأجنبي المباشر تتمثل في الناتج المحلي الإجمالي و التضخم وهي تتماشى مع النظرية الاقتصادية، من خلال تحليل النموذج، حيث أنه إذا زاد الناتج المحلي الإجمالي ب 1%سوف يرتفع الاستثمار الأجنبي المباشر ب 1.48 %، أما إذا انخفض معدل التضخم پ1% سوف يرتفع الاستثمار الأجنبي المباشر ب 0.61%.
- بعد الناتج المحلي الإجمالي أكثر المؤشرات تأثير على الاستثمار الأجنبي المباشر وهذا من خلال إحصائية ستودنت المحسوبة. الاقتراحات -التحسين من شفافية التشريعات الخاصة بالاستثمار وذلك بتحديد قراءة وحيدة لمفهوم التشريع و كذلك تبسيط وتوضيح نظام الطعن في قرارات الوكالة الوطنية لتطوير الاستثمار. - إعادة تأهيل و إصلاح الإدارة الجزائرية من خلال محاربة الفساد الإداري و الإجراءات البيروقراطية و إضفاء الشفافية و الثقة فيها مع ضرورة تجنب التعارض بين القوانين والمواصلة في تحقيق التناسق بين أدوات السياسة الاقتصادية المختلفة من اجل الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي الكلي.
- إنشاء قاعدة بيانات إحصائية على شبكة الانترنيت من أجل توحيد مصادرها و إسنادها إلى هيئة واحدة رسمية، مع ضرورة تحديثها. - السعي الجاد نحو محاربة الفساد و الرشوة و الحرص على الاستقرار السياسي والأمني مع تحسين البنية التحتية و إشراك المستثمر الأجنبي فيها حتى لا تكون النفقات بحجم كبير بالنسبة للدولة. - ضرورة تشجيع كل أنواع الاستثمار الأجنبي المباشر للاستفادة من الخبرات والتكنولوجيا العالمية للتقليل من تكاليف الإنتاجية. : ضرورة إعطاء الأهمية الكافية للدراسات القياسية و التنبؤية بما يخص مختلف الظواهر الاقتصادية بإنشاء مخابر خاصة، واخذ نتائجها بمحمل الجد كي لا تبقى هذه الدراسات فقط حبر على ورق . العمل على توجيه الاستثمار الأجنبي المباشر إلى القطاعات الغير النفطية مثل الصناعة والزراعة - المواصلة في الإصلاحات الاقتصادية الكلية التي شرع في تطبيقها منذ التسعينات و عدم ربطها بالوضع المالي للبلاد و خاصة بسعر برميل البترول. آفاق الدراسة:
من خلال دراسة موضوع علاقة الاستثمار الأجنبي المباشر بالمؤشرات الكمية للاقتصاد الكلي و إيمانا من الطالب بإمكانية توسيع وتطوير هذه الدراسة من خلال إدخال المتغيرات الكيفية(متغيرات سياسية واجتماعية) التي تؤثر على الاستثمار الأجنبي المباشر في الجزائر. دراسة تحليلية للاستثمار الأجنبي المباشر في الجزائر باستخدام نماذج أشعة الانحدار الذاتي. و اقتراح نموذج معادلات آنية بحيث إن الاستثمار الأجنبي المباشر و معدل النمو الاقتصادي يتحددان معا وهذا يجعل مؤشر الاستثمار الأجنبي متغير تابع يؤثر في . متغيراته وكذلك مؤشر معدل النمو الاقتصادي.
| قياس اثر بعض المؤشرات الكمية للاقتصاد الكلي |
قياس اثر بعض المؤشرات الكمية للاقتصاد الكلي على الاستثمار الأجنبي المباشر- دراسة حالة الجزائر-
لقد برهنت الزيادة المتسارعة في أحجام الاستثمار الأجنبي المباشر في جميع أنحاء العالم على مدى أهميته، وذلك من خلال مساهمته في خلق الفرص الاستثمارية التي كان من الصعب توفيرها من قبل المؤسسات المحلية نظرا لعدم اكتسابها الخبرة الكافية ومحدودية مكانياتها
وازدادت أهميته نظرا لمرونته خلال الأزمات المالية والاقتصادية التي تعاني منها معظم بلدان العالم وخاصة مع سعي معظم دول العالم إلى دخول المنظمة العالمية للتجارة ما ينجر عنه من تغيير في المنظومة القانونية وحتى تتكيف مع الانفتاح وتحرير التجارة خاصة في القوانين الجمركية). ومنه يجب تعويض هذه الخسائر والاستفادة من تحرير تجارة وذلك من خلال العمل على جذب اكبر قدر ممكن من الاستثمار الأجنبي المباشر .
وفي هذا الصدد أردنا معرفة مجموعة المؤشرات التي تؤثر على الاستثمار الأجنبي مباشر والتي تشكل في مجملها ما يعرف بمناخ الاستثمار، إذ يتأثر هذا الأخير مجموعة من المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تؤثر على الاستثمار الأجنبي المباشر كن سنقتصر في دراستنا على المؤشرات الكمية للاقتصاد الكلي فقط، و اقتصارنا هذا راجع بعدة أسباب من أبرزها: عدم توفر المعطيات لبعض المؤشرات السياسية والاجتماعية حيث كثر هذه المؤشرات ذات طبيعة كيفية الاستقرار السياسي، التعاون الثنائي والمتعدد بین لدول, طبيعة الحكم... الخ).
حيث يعتبر تحلیل تأثير المؤشرات الاقتصادية عملا مهما يبرز لنا حساسية الاستثمار الأجنبي المختلف هذه المؤشرات حتى يمكننا من معرفة مدى استجابة الاستثمار الأجنبي المباشر للظروف السائدة حاليا والمتوقعة مستقبلا لأخ الاحتياطات اللازمة من أجل جنبه عيث معظم هذه المؤشرات لها أثر كبير وملموس تظرا لارتباط الاستثمار بالمحيط الاقتصادي ارتباط وثيقا حيث يؤثر ويتأثر به باعتباره جزء منه
لتحميل الملف اضغط على الرابط الاتي:
رابط التحميل :التحميل هنا
إذا استفدت منا وأردت مشاركتنا في سيرورة الموقع ساهم معنا بأقل شيء نرجو منكم كلمة شكر أو تشجيع...
دعوة صالحة بظهر الغيب....

0 تعليقات